الأحد، 5 يناير 2020




شجرة الــــدر





شجرة الــــدر


أول ملكة في الإسلام


شجر الدرّ (أو شجرة الدّر)، (ت 1257) الملقبة بعصمة الدين أم خليل، خوارزمية الأصل، وقيل إنها أرمينية أو تركية. كانت جارية 

اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب، وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها وأنجبت منه ابنها خليل الذي توفي في 2 

من صفر 648 هـ (مايو 1250م). تولت عرش مصر لمدة ثمانين يوماً بمبايعة من المماليك وأعيان الدولة بعد وفاة السلطان الصالح 

أيوب، ثم تنازلت عن العرش لزوجها المعز أيبك التركماني سنة 648 هـ (1250م). لعبت دوراً تاريخياً هاماً أثناء الحملة الصليبية 

السابعة على مصر وخلال معركة المنصورة.[1]



نسبها:


 كانت جارية من جواري الملك نجم الدين الصالح تميزت بالذكاء الحاد، والفطنة، والجمال كما أنها نالت الإعجاب بفتنتها وفنها، 

وكانت متعلمة، تجيد القراءة، والخط، والغناء. 

زواجها:

 
أعجب بها الملك نجم الدين ولقبها بشجرة الدر، بحيث أصبح لها الحق في أن تكون المالكة الوحيدة لقلبه وعقله، ثم أصبحت الشريكة 

الشرعية، وأم ولده. أرسل الأمير نجم الدين بأمرٍ من والده، لولاية وحكم حصن كيفا (وهو حصن من حصون المشارق يقع على 

حدود تركستان). ثم وردت إليه أنباء من القاهرة، تقول بان أباه الملك الكامل قد عين أخاه الصغير أبا بكر (الملك العادل) ولياً للعهد 

بدلاً منه،غضب الأمير نجم الدين من تصرف الملك؛ لأن أخاه كان طائشاً، ولأن الدولة كانت في خطر من كل الجوانب.

أقسم الأمير نجم الدين أن الخلافة لن تكون لغيره بعد أبيه. وبدأ بالمقاومة، لأنه أرشد من أخيه، وأحق منه في الخلافة. وكانت شجرة 

الدر نعم الزوجة، فقامت بمساعدة زوجها بشتى الطرق لإعادة حقه المغتصب

ولاية الملك: 


أشارت على زوجها بعقد اتفاق مع خصمهِ الملك الناصر، على أن يطلق سراح نجم الدين ليستولي على عرش مصر ومن ثم، يقدم له 


عرش الشام ونصف الخراج. حيث أن نجم الدين وقع أسيراً لدى الملك الناصر داوود مع زوجته وعدد من الجنود.


ثم سار الملك الصالح إلى القاهرة وهزم أخاه العادل نجم الدين، وأسره في قلعة صلاح الدين. وبهذا تكون شجرة الدر نالت مرادها 


وأوصلت زوجها نحو المجد والسلطة ويقال أن الملك لويس التاسع شن الحملة، ليوفي بنذره، بعد أن شفي من مرضه، فجهز جيشاً 


وأبحر من مرسيليا عام 1249. وفي هذه الأثناء كان الملك الصالح مريضاً، إلا إنه استعد للأمر، واتخذ من المنصورة مركزاً للقيادة 


العامة، وولاها للأمير فخر الدين نزولاً عند رغبة شجرة الدر، التي أثبتت على أنها قادرة على مواجهة الصعاب، وأقسمت لزوجها 


على أن الصليبين سيقتلون في حملتهم. وبعد وصول الغزاة إلى مصر عام 1249. أخفت نبأ وفاة الملك، وذلك لشدة حكمتها ودهائها


وذلك خشية حدوث البلبلة في الدولة، وبخاصة صفوف الجيش، وحتى تتغلب على العدو، وكذلك حتى لا ينصرف اهتمام أمراء بني 


أيوب والمماليك إلى تولي العرش، وساعدها على ذلك الأمير فخر الدين. واستمر الحال في القصر الملكي كالسابق. ولكن عندما 


لاحظت شجرة الدر، أن خبر وفاة زوجها أوشك أن ينكشف وأن العدو أيضاً على وشك الانهزام. قامت باستدعاء، ابن زوجها 


تورانشاه وأمرت رجال الدولة والجيش أن يحلفوا له يمين الولاء، وأن يدعي لها على المنابر في المساجد؛ وذلك لتبقى السلطة في 


يدها، وتصرف أمور الدولة كما تشاء. وذلك إن دل فيدل على ذكائها ودهائها. وقبل وصول تورانشاه، قامت شجرة الدر بوضع خطة 


حربية مع القوات، وأمراء المماليك وظلت تشرف على تنفيذها، ومراقبة سير المعركة في المنصورة عن قرب. وحتى أنها كانت 


تعاون الأهالي مع الجنود، في صد هجمات الأعداء والرد عليهم. إلى أن انتصر المسلمون عام 1250. لم يدم حكم تورانشاه أكثر من 


شهرين، وذلك لفساده وطغيانه. وقام بإبعاد رجال الدولة الأكفاء، وأخذ يهدد زوجة أبيه شجرة الدر، ويطلب ما تبقى من ثروة أبيه ولم 


يكتف بذلك بل قام باستفزاز مماليك البحرية، حتى لقي مصرعه على يد بيبرس. وافق الكل في مصر على تولي شجرة الدر العرش، 


بعد مصرع تورانشاه. كان عهد شجرة الدر مزدهرأً، أظهرت خلاله قدرتها وجدارتها في الحكم. لم تكن حكومتها استبدادية، لا تشرع 


في عمل من الأعمال حتى تعقد مجلس المشاورة، ولا تصدر قراراً إلا بعد أخذ رأي وزرائها ومستشاريها. وقامت بنشر راية السلام 


أيضاً، فأمن الناس خلال فترة حكمها. 


في عصرها نبغ العديد من الأدباء والشعراء المصريين مثل، بهاء الدين زهير، وجمال الدين بن مطروح، وفخر الدين بن الشيخ. 


وفي عهدها أيضاً قامت بعمل جيد، وهو تسيير المحمل كل عام من مصر إلى الحجاز في موسم الحج، ولم تزل عادة تسيير المحمل 


المصري متبعة إلى اليوم، فهو يذهب كل عام إلى بيت الله الحرام حاملاً كسوة الكعبة، والمؤن والأموال لأهل البيت، مصحوباً بفرقة 


كبيرة من الجيش لحماية الحجاج. عرفت شجرة الدر بعدة ألقاب خلال حكمها مثل الملكة عصمة الدين، والملكة أم خليل، وأخيراً 


الملكة شجرة الدر أم خليل المستعصمية، نسبة إلى الخليفة المستعصم، وذلك خوفاً من أن لا يعترف بها الخليفة العباسي، الذي كان 


يجلس على عرش العباسيين في بغداد آنذاك. ودعي لها على المنابر، كدعاء الخطباء كل جمعة في المساجد. كما أصبحت الأحكام 


تصدر باسمها، ونقش اسمها على الدراهم والدنانير. 


ولم يرق للعباسيين أن تتولى امرأة عرش مصر. مما أدى إلى نشوب الكثير من الخلافات بين الأمراء والزعماء في مصر والشام 


ولذلك اتخذت من الأمير عز الدين أيبك مقدماً للعساكر، ثم تزوجته، وبفعلتها هذه أمنت كلام الناس واعتراض العباسيين لها. شريطة 


أن يطلق زوجته ويتخلى عن ولده المنصور علي، حتى لا ينتقل العرش إلى ابنه، وأطلق عليه اسم الملك المعز.


نهايتها ووفاتها: 



مرت الأيام إلى أن أصبح زمام الأمور داخل مصر وخارجها، في يد زوجها الملك المعز. وبلغها أن زوجها يريد 


خطبة ابنة الملك بدر الدين لؤلؤ، صاحب الموصل. فساءت العلاقات بين شجرة الدر وبين الرجل الذي وثقت به، وجعلته ملكاً. 


وكادت تفقد عقلها من شدة الحقد والغيرة. وعلمت أيضاً انه ينوي، إنزالها من قصر القلعة إلى دار الوزارة في القاهرة، وذلك ليتفادى 


الجدل والخصام معها، وحتى يتم تهيئة القلعة، لاستقبال العروس الجديدة.


غضبت شجرة الدر غضباً شديداً، لما فيه من جرح لمشاعرها وكبريائها. وبعد تأكدها من عزيمته في التخلص منها. كان لابد من 


التخلص منه. فدعته ذات يوم واستقبلته بصدرٍ رحب وبشاشة، وكأن شيئاً لم يكن حتى شعر بالطمأنينة ودخل الحمام، وانقض عليه 


خمسة من غلمانها الأقوياء، وضربوه إلى أن مات. ثم أذيع بأن الملك المعز توفي فجأة، ولكن لم يصدق الناس هذا النبأ. 


حاولت شجرة الدر أن يجلس أحد الأمراء المماليك على العرش لكي تحتمي بهِ، إلا أن محاولاتها باءت بالفشل، والتجأت إلى البرج 


الأحمر في القلعة عام 1257. ولكنها لم تنجُ بفعلتها، حيث تم القبض عليها من قبل الأمراء المناصرين لزوجها القتيل، وفرض عليها 


السجن المنفرد، ولاقت فيه ألواناً مختلفة من العذاب والهوان. ومن ثم تدخلت أم علي وهي زوجة الملك المعز الأولى، وحرضت ابنها 


علي على قتلها انتقاماً لأبيه. وهناك مراجع أخرى تقول بأنه، تم قتلها على يد الجواري اللاتي واصلن ضربها بالقباقيب إلى أن 


فارقت الحياة. وهكذا عاشت شجرة الدر، مكرمة وجليلة، ذات نفوذٍ وقوة، ولكنها ماتت ميتةٍ ذليلة ومهينة. 

إلا أن التاريخ خلد ذكراها وذكر الخدمات التي قدمتها للمسلمين ومصر. إلا أن غيرتها على كبريائها وكرامتها، كانت السبب الذي 


دفعها لارتكاب تلك الجريمة، التي أسقطتها من قمة الشهرة وقضت عليها.


ولعل هذا الأمر يتعلق بالخيانة أكثر مما يتعلق بالغيرة إلا أن النتيجة واحدة، يقال وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة وضعت هذه 


المرأة جل ثقتها بزوجها وولته عرشاً عظيماً وملكاً لا يمكن أن يراه حتى في الأحلام وماذا في المقابل ؟
كانت هذه النهاية رداً لجميلها وعرفانها. 



المراجع:

[1] “شجر الدر - ويكيبيديا.” [Online]. Available: https://ar.wikipedia.org/wiki/شجر_الدر. [Accessed: 05-Jan-2020].



0 التعليقات:

إرسال تعليق

الأكثر مشاهدة

أرشيف المدونة